أن يصل الإهمال والفساد إلى مثل ذلك الحد الخطير الذي بلغ ، وتطمس الحقائق الواضحة كعين الشمس ، وتحجب عن أعين الناس رغم جلائها كفلق الصبح ، ويشتم من الأمر رائحة تواطؤ خفي ، فإن الأمر لا ينبغي ولا يمكن السكوت عليه .
على أقل تقدير ، فإنا لا نخوض حربا مع أحد ، ولا نبتغي من عملنا هذا أي منفعة – مادية كانت أو معنوية - ، ولا مغنما سياسيا ، فلا يهمنا في المقام الأول والأخير إلا كشف الفساد وفضحه ، وتقديم المسئولين عنه للمحاسبة ، ومن ثم المحافظة على أرواح الناس وحياتهم من العبث .
حين تقدم السيد الوزير الدكتور حاتم الجبلي ببلاغ لسيادة النائب العام للتحقيق في الواقعة ، وقام بإرسال لجنة للمستشفى لإجراء تحقيق شامل ، استبشرنا جميعا خيرا ، خاصة وأنه أكد في تصريحات صحفية لجريدة المصري اليوم الصادرة بتاريخ 5/6/2008 أن " الوزارة سوف تكشف للرأي العام الحقيقة الكاملة في هذه الواقعة " وأضاف " لن أرحم أي مسئول أو شخص يثبت تقصيره أو إهماله ، وسأقطع رقبته ، لأن عصر إخفاء المعلومات انتهى "
حين حصل كل ذلك فإن الأمل ملأنا بأن الحق – حق الناس والوطن – لن يضيع ، لكنه كان أملا يشوبه الحذر والقلق ، إذ من تجارب عديدة وخبرات سابقة ، تكشّف لنا أن الحفاظ على أرواح الناس من أخر ما يحظى بالاهتمام في بلدنا ، وهي تجارب لا يقف أولها عند حادث العبارة السلام ولا أخرها عند أكياس الدم الفاسدة لشركة ها يدلينا
تنامت أمارات القلق ، وتزايدت علامات الحزن ، حين خرج الدكتور مرتجى نجم - أمين عام الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية - ببيان قال فيه – وهو ما أكده في لقاءاته التليفزيونية – " إن حالة انقطاع التيار الكهربائي عن المستشفى استمرت قرابة الساعتين ، ولكن العنايات المركزة والحضانات استمر العمل بها بشكل طبيعي عن طريق المولدات الاحتياطية بالمستشفى " ثم أضاف موضحا أن " مواصفات جميع أجهزة التنفس الصناعي المستخدمة حاليا مجهزة ببطاريات ذاتية التشغيل وتعمل بكفاءة عالية لمدة ساعتين " كما أشار إلى أن حالات الوفاة تمت جميعها ما بين الساعة الثانية والثانية والنصف صباحا أي تقريبا قبل انقطاع التيار الكهربائي بحوالي الساعة على حد زعمه .........
بيان الدكتور مرتجى وتصريحاته التي تلته ، أكدتا أن في الأمر شيئا ما ، وأن هناك ما يحاول المسئولون في وزارة الصحة إخفائه ، تماما كمن يحاول أن ينكر سطوع الشمس ، وهو يرى ضوءها كل نهار
انحصرت ردود الدكتور مرتجى وتعليقاته في ثلاث نقاط رئيسية :
أولا – تحميل المسئولية لشركة الكهرباء ، بصفتها المسئولة عن إمداد المستشفى بالتيار الكهربائي
ثانيا – تأكيده أن جميع الأجهزة في وحدة الأطفال المبتسرين عملت بشكل طبيعي بعد انقطاع التيار الكهربائي عن طريق المولدات الاحتياطية ، إضافة إلى تأكيده أن أجهزة التنفس الصناعي مزودة ببطاريات ذاتية التشغيل ، تمكنها من العمل بكفاءة عالية لمدة ساعتين .
ثالثا – تأكيده أن موت الأطفال تم قبل انقطاع التيار الكهربائي بحوالي الساعة .
ونحن بدورنا سنرد ونوضح للكافة حقيقة ما جرى
• فيما يخص تحميل المسئولية لشركة الكهرباء ، فالغريب في الأمر أن انقطاع التيار الكهربي كان داخل المستشفى فقط دون المنطقة الموجودة فيها ، وهو ما أكدته شركة كهرباء شمال القاهرة ، نافية مسئوليتها عن ذلك العطب ، ومحملة وزارة الصحة مسئولية ذلك الإهمال ، الأمر الذي يؤكد بأن العيب كان داخليا ، أي أنه خلل في أجهزة التحكم في المستشفى ، وليس بسبب شركة الكهرباء .
• أما بخصوص استمرار العمل في العنايات المركزة والحضانات بشكل طبيعي عن طريق المولدات الاحتياطية بالمستشفى ، فإنه أمر ينافي ما عرض في اللقطات المصورة ، فضلا عن أنه ينافي المنطق ، إذ كيف يفهم إصرار الأطباء على إنقاذ الأطفال – في مشهد يسوده الظلام – اللهم إلا بصيص نور من الهواتف المحمولة المضاءة – مع أن الدكتور مرتجى يؤكد على عمل وحدات العنايات المركزة ، وهو أمر بفرض صحته يدل على خلل في التفكير والتنفيذ ، فكيف يمكن لعاملين في وحدات يسودها الظلام ، التأكد من سلامة عمل الأجهزة وأداء المطلوب منها على الوجه الأمثل
الغريب في الأمر – وكله غريب بطبيعة ما جرى – أن السيد وزير الصحة و الدكتور مرتجي استغرقا في الحديث عن تطور الحضانات وتطور أجهزة التنفس الصناعي ، وكيف أنها تعمل بشكل ذاتي وبكفاءة عالية لمدة ساعتين ، تبعا للبطاريات الموجودة بها ، ظل سيادته يحدثنا عن " المفروض المتوهم " في حين أن " الواقع المر " كان العكس ، وأن هذه الأجهزة لم تعمل وفقا لما هي معدة له في حالات الطوارئ ، وتوقفت أجهزة التنفس الصناعي عن العمل ، ما عرّض حياة الأطفال للخطر
هذا ما حدث ، ويؤكده مقطع الفيديو التالي ، والذي دار فيه هذا الحديث
الممرضة : ما فيش أي حاجه شغاله ، كله فاصل
كله فاصل فاصل ، وكده النور بقاله ساعه ، وبلغناهم كذا مره
ثم دعونا نتساءل ، إذا كانت أجهزة التنفس الصناعي عملت بكفاءة ولم تتوقف عن العمل ، فلماذا قام الدكتور محمد – النائب الموجود ساعتها – بفصل الأطفال من على أجهزة التنفس الصناعي ، والاستعاضة عنها بالطريقة اليدوية مستخدما " ambo bag " ، وأخذ يشرح للأطباء الذين تواجدوا لمساعدته كيفية استعمالها كما يوضح الفيديو التالي والذي يقول فيه
ايضا فيديو اخر يوضح ان الحضانات لا تعمل و يظهر ذلك من شاشة بيانات الحضانة التي تظهر في الصورة مطفأة و ليست تعمل علي جهاز ال UPS كما ادعي امين عام هيئة المستشفيات و المعاهد التعليمية د.مرتجي نجم
- بقيت " قصة " موت الأطفال قبل انقطاع التيار الكهربي ، وهو الأمر الأكثر إيلاما في الواقعة برمتها ، ضياع أرواح بريئة بسبب الإهمال والفساد المستشري في قطاع الصحة المصري
ادعي السيد وزير الصحة في حديث له للتلفزيون المصري أذيع يوم الأحد مساءا على القناة الأولي و ما أكده أيضا د. مرتجى في بيانه أنه " قد ثبت من التقارير الرسمية وجود 15 طفلا بالعناية المركزة بالمستشفى أثناء الواقعة ، منهم 5 أطفال على أجهزة التنفس الصناعي ولم يتأثر أي منهم بالواقعة"
وهو ما تثبت عدم صحته لقطات الفيديو المصورة ، كما سترون في المقاطع التالية والتي دارت فيها هذه الحوارات
المقطع الأول
الدكتور : كده حالتين تأكدوا ( يقصد تأكد موتهم ) ، كده خلاص ضاعوا
الممرضه : مين ؟
الدكتور : سحر حماده والجديده ( يقصد الحالة الجديدة )
الممرضه : وسيده ؟ ( تسأل هل ماتت سيده أيضا )
الدكتور : لأ لأ سيده لسه
المقطع الثاني
د. محمد : arrest arrest ( بمعنى توقف عضلة القلب ، وتوقف عملية التنفس )
الممرضه : حسبنا الله ونعم الوكيل
المقطع الثالث
الممرضه : ولاء arrest ( تقصد توقفت عضلة قلبها ، وتوقفت عن التنفس ) ،
وحاله جديده داخله معايا على ال ventilator ( تقصد أن الحالة الجديدة الموضوعة على جهاز التنفس الصناعي ، أصيبت هي الأخرى بتوقف عضلة القلب ، وتوقف عملية التنفس )
المقطع الرابع
الممرضه : عمّالين ندّي أدرينالين في الحالات ، هنعمل ايه
حالة ولاء ما رجعتش ، والحاله التانيه ما رجعتش ، وربنا يستر على التلاته التانيين
المقطع الخامس
د. محمد : كده اتنين خلاص ، كده باي باي ، ده مات بقاله فتره
المقطع السادس
تقول الممرضه وهي تتحدث في التليفون : والمصحف حرام ، دم العيال دول في رقبة اللي هو ماسك الكهربا
المقطع السابع
- هو كده مين اللي مات ؟
- ال congenital anomalies ( أي مصاب بعيب خلقي ) وسحر
المقطع الثامن
د. محمد :- استغفر الله العظيم يا رب ، استغفر الله العظيم يا رب ، خمسه بيــ arrest في وقت واحد ( يقصد خمسه أصيبوا بتوقف عضلة القلب وتوقف عملية التنفس في وقت واحد )
احنا كبيرنا هنا واحد ، اتنين ،لكن في وقت واحد ، لكن خمسة
متى حدثت كل هذه المحاولات الحثيثة لإنقاذ أرواح رضع لم يتعد عمر الواحد منهم أياما معدودات ؟ قبل انقطاع التيار أم أثنائه ؟
لقد أثبتت هذه اللقطات المصورة بما لا يدع مجالا للشك أن محاولات الإنقاذ هذه تمت أثناء انقطاع التيار الكهربي ، وأن الأطفال ماتوا كنتيجة مباشر لتداعيات انقطاع التيار الكهربي و فشل أنظمة الطوارئ في المستشفي و كذلك بطاريات الحضانات التي لم تعمل، في الوقت الذي حاول فيه الأطباء والممرضون إنقاذ هذه الأرواح البريئة بقدر ما استطاعوا ....و لكن إنقاذهم في ظل الفشل الإداري و الإهمال و الاستهتار بأرواح البشر و نقص الإمكانات.. كان فوق الاستطاعة.
إننا نقدم كل هذه الأدلة والبراهين للمستشار عبد المجيد محمود – النائب العام – للتحقيق في ملابسات هذه القضية ، بصفته المسئول الأول- قانونا - عن حماية أمن المجتمع وسلامته ، ومحاسبة المسئولين عنها ، وإظهار الحقيقة كاملة للرأي العام .
إن أصحاب الضمائر الشريفة والقلوب النقية الطاهرة ، لتدمع أعينهم ويدمي قلوبهم موت أرواح بريئة بسبب الإهمال والفساد و الفشل الإداري ، وإننا نبرأ إلى الله من أرواح هؤلاء الأبرياء ، ونؤكد أننا سنبذل غاية الجهد وكل ما في الوسع لفضح تلك الممارسات الفاسدة طالما بقي في القلب نبض ، لكننا نؤكد أيضا أننا نحتاج جهودكم جميعا
كل من يستطيع أن يؤدي دورا ، أو يساهم في الضغط على المسئولين لإظهار الحقائق ، فله كل الشكر ، ليس منا نحن فقط ، بل من وطنه مصر .
فأن لم يكن سعينا ذلك من اجل القسم الذي اقسمنا.....فمن اجل أن لا يكن احد أبنائنا هو الضحية التالية ...!